تاريخ النقود - النقود حكايات وعهود

تعتبر النقود سجلاً زاخراً لتجسيد تاريخ الأمم والشعوب، ومن بين هذه التواريخ، التاريخ المصري، باعتباره من أهم بواعث التاريخ العربي على وجه العموم، وتمثل النقود الوسيلة الأساسية للتعامل في الأسواق، والتي صارت توجد على شكل عملة، لكونها تسهل عملية التبادل التجاري بين المتعاملين وتدعيم الكفاءة الاقتصادية من خلال اختصار الوقت المصروف في تبادل السلع والخدمات.

تعد العملة وحدة حساب بمعنى أنها تستعمل لقياس القيمة الاقتصادية، حيث تقاس بها قيمة السلع والخدمات بصيغة النقود، فمثلا عند حساب الناتج المحلي الإجمالي، يصعب جمع الأوزان مع المساحات مع الأعداد في آن واحد، لهذا يتم حساب قيمتها بالنقود.

والواقع، فإن العملات تطورت عبر العصور وكانت لها أشكال عدة، منذ نشأتها وعلى مسيرة تطورها، فقد بدأت تاريخياً بالتبادل السلعي ثم تبادل المعادن الثمينة كالذهب والفضة، وأخيراً كانت العملات الورقية المعمول بها حاليا، فضلا عن الشيكات وغيرها من أشكال العملة الورقية.

وعلى الرغم من ذلك كله، لا تزال العملات في تطور نحو استخدام الأساليب الحديثة في التبادل التجاري كالنقود الإلكترونية وغيرها، ولهذه الأهمية كلها وفي إطار توثيق “ذاكرة مصر”، انتهت مكتبة الإسكندرية من توثيق تاريخ النقود المصرية، وتطورها عبر العصور.

شمل التوثيق تاريخ العملات المصرية منذ العام 1805 إلى العام ،1956 وهي العملات التي كانت متداولة إبان عهد أسرة محمد علي، وخلال التوثيق لاحظ فريق العمل أن النقود أفصحت عن دلالات عدة لهوية الدولة المصرية، وأنه على الرغم مما وصل إليه محمد علي باشا من قوة ونفوذ، إلا أنه لم يقم بضرب العملة باسمه، ففي عهده تم تداول النقود العثمانية التي حملت اسم مصر كمكان للضرب.

والواقع، فإن حركة النقد المصري في عهد خلفاء محمد علي تميزت بوجود مراحل تطور متعددة، فيما شهدت فترة محمد سعيد باشا إصدار أول عملة حملت اسم حاكم مصر في العصر الحديث في العام 1862م، تم تداولها بجانب النقود العثمانية.

كما شهدت فترة حكم الخديوي إسماعيل صدور عملات تذكارية في فرنسا بمناسبة افتتاح قناة السويس، وتم تداولها في مصر بجانب النقود العثمانية.

أما في عهد الخديوي محمد توفيق حيث كان الاحتلال الإنجليزي جاثماً على صدر مصر، فقد شهدت حركة النقد المصري تطورات عدة، وفي العام 1885م تم تقسيم الجنيه إلى مائة قرش على أن يكون الجنيه ونصف الجنيه من الذهب والعشرون قرشاً والعشرة قروش والخمسة قروش من الفضة، على أن يتخذ الجنيه المصري وحدة للنقود بوزن 5.8 جم من الذهب.

وكان عصر الخديوي عباس حلمي الثاني شاهداً على أهم حدث نقدي في تاريخ النقد المصري الحديث في العام 1898م عندما منح الخديوي حق امتياز إلى “رفائيل سوارس” بإنشاء البنك الأهلي المصري.

وفي أثناء ثورة ،1919 ونتيجة صعوبة الاتصال بالسلطة المركزية في القاهرة، قام مفتش مركز “كوم أمبو” في محافظة قنا بإصدار سندات نقدية للتداول، إلى أن تم سحبها بعد استتباب الأمن، وكتبت هذه السندات يدوياً بالحبر الأحمر والأزرق على وجه واحد، وعلى ورق خاص غير متوافر تجاريا وختمت بختم المفتش الرسمي.

وفي العام 1922 عندما تم إعلان مصر مملكة مستقلة، ونودي بالملك أحمد فؤاد الأول ملكا على مصر، صدرت في عهده أول عملة مصرية ذات علامة مائية عام ،1926 وكانت من فئة الجنيه. كما صدرت في عهده أول عملة مصرية تحمل صورة شخص، هو “عم إدريس”، وهي العملة التي أطلق عليها عامة الشعب “جنيه الفلاح”.

وأثناء الحرب العالمية الثانية كان المفترض أن تكون تسيطر ايطاليا على مصر والسودان في حالة انتصار المحور، ووقتها ظهرت عملات كانت تسمى ب”صندوق البحر المتوسط التسليفي لمصر”.

ويعتبر الملك فاروق الأول أول وآخر حاكم مصري يضع صورته على أوراق البنكنوت المصري، حيث بدأ البنك المصري عام 1946 في طبع صورة الملك فاروق الأول على أوراق النقد، فأصدر أربع ورقات تحمل صورة الملك أولها في مايو/أيار 1946 من فئة الخمسة جنيهات، وفي يوليو 1948 من فئة المائة جنيه، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1949 من فئة الخمسين جنيها، وفي يوليو/تموز 1950 من فئة الجنيه.

وفي العام 1951م، كانت البداية مع تمصير العملة، وتعيين أول محافظ للبنك الأهلي المصري، هو الدكتور أحمد زكي سعد، وكان هذا البنك في مقام البنك المركزي للدولة المصرية، إلى أن تطورت البنوك، ومعها تطور إصدار العملة.

وبعد قيام ثورة 23 يوليو/تموز 1952م، كانت تصدر عملات مصرية تبعا للأحداث والمناسبات، مثل تأميم قناة السويس وإنشاء السد العالي.

تسلم ايديك سكيتر
وميرسى خالص على المعلومات دى
تقبل مرورى