أسرار نجاح الكرة الفرنسية

موضوع: أسرار نجاح الكرة الفرنسية 04/08/09, 01:24 pm

جريدة الوطن
الكاتب :
سعد السبيعي

_______________
كيف أحكمت الكرة الفرنسية سيطرتها على الكرة العالمية

يعتبر الفرنسيون ركن أساس في التعريف بعدد من الألعاب الرياضية الفردية منها أو الجماعية.
وما كرة القدم الحديثة ببعيدة عن هذا التأثير الفرنسي البالغ. فالفرنسيون ممثلون في رئيس اتحادهم الكروي في العشرين الميلادية من القرن المنصرم "جويل ريمييه"
<IMG SRC="http://www.fifa.com/fifa/handbook/fgg/photos/pres3.jpg" border=0>

قد بعثوا روحا جديدة في هذه اللعبة التي خنقها الإنجليز بغطرستهم وانزوائهم حول أنفسهم وتعصبهم لقناعاتهم ونظرتهم لأنفسهم بأنفة زائدة والحادثة التاريخية المعروفة التي تمثلت في عدم مشاركة الإنجليز في بطولة كأس العالم إلا في عام 1950م في البرازيل بعد عناد طويل وعدم اعتراف بهذا المولود الفرنسي خير دليل على ذلك.

جويل ريمييه تفتق ذهنه بفكرة بطولة كروية تجمع الشعوب وتكون سببا في تآلفهم وتوحدهم وتعرفهم على بعضهم للمزيد من التقارب والتحابب فكانت فكرة استحداث بطولة كأس العالم لكرة القدم للرجال والتي تم الإقرار بها عام 1928م,
<IMG SRC="http://www.worldcuparchive.com/CUPS/1930/logo30.jpg" border=0>
وتم تنفيذها واقعا على الأرض في عام 1930م في الأورجواي.
ومنذ ذلك الوقت انطلقت أهم وأكبر وأبرز بطولة كروية عرفها الإنسان وكان للاعب الفرنسي حضوره في أول بطولة كروية لكأس العالم, عندما استطاع المهاجم الدولي الفرنسي "لوران" تسجيل أول هدف في كؤوس العالم, كما الحال نفسه للاعب الفرنسي إيمانويل بوتي - 28 سنة - لاعب فريق تشلسي الإنجليزي حاليا والمنتقل حديثا من صفوف برشلونة الإسباني,
<IMG SRC="http://www.emi.co.ae/ittihad/images/2000/spo3hd_090701.jpg" border=0>
الذي سجل آخر هدف في كؤوس العالم في القرن العشرين المنقضي.

وحصلت الكرة الفرنسية على كأس العالم لأول مرة في تاريخها حديثا - وهذا هو مثار الغرابة والتعجب - عندما حققت كأس العالم الأخيرة عام 1998م وبفرنسا نفسها. فيما قامت باستضافة هذه البطولة مرتين في القرن العشرين عامي: 1938, و1998م.
<IMG SRC="http://www.worldcuparchive.com/CUPS/1998/logo98.jpg" border=0>

مراحل تطور الكرة الفرنسية:مرت لعبة كرة القدم الفرنسية بعدة مراحل تطور حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من تبوء لقمة الكرة العالمية عن جدارة واستحقاق وكفاءة.
أول ظهور للعبة كرة القدم في فرنسا كان في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي من خلال بعض ملامح الاهتمام الفردية باللعبة تبعتها اجتهادات لإنشاء تكتلات في شكل فرق كروية ينقصها الكثير من التنظيم والدعم. إلى أن تم تأسيس أول ناد فرنسي وهو نادي "لوهافر" وعلى نطاق التأسيس الكروي على صعيد المنتخب كانت البداية بالمباراة الدولية الودية التي لعب فيها المنتخب الفرنسي مباراة ضد نظيره الإنجليزي في عام 1897م وشارك ضمن صفوف الفريق الإنجليزي آنذاك اللاعب العربي المصري ورمز نادي الزمالك الشهير حسين حجازي بحكم تبعية مصر حينذاك للتاج البريطاني وبحكم تواجد حجازي في إنجلترا من أجل الدراسة هذه المباراة مثلت أول ظهور دولي للمنتخب الفرنسي على الساحة الدولية.
<IMG SRC="http://www.the-eye.com/GIfs/smfranceflag.gif" border=0>
بعدها تتابعت مسألة التواجد الكروي الفرنسي في المحافل الدولية, سواء في منافسات الدورات الأولمبية وكؤوس العالم والبطولات الإقليمية وتعرضت للكثير من الهزات العنيفة بل لخسائر مذلة, منها خسارتها قبل أكثر من (60) عاما من منتخب الدانمارك بـ(16/2). فهذه الخسارة كانت لها أفعال كبيرة دفعت القائمين على الكرة الفرنسية في إعادة هيكلة وتنظيم كل ما له صلة باللعبة وبشكل دقيق ومنظم ووفق آليات حديثة ومتطورة, وذلك على المدى البعيد ولم يشتد عود هذه الكرة إلا مع بداية عقد الثمانينيات الميلادية في القرن الماضي, ففي ذلك الوقت ارتفع صوت الكرة الفرنسية وبدأت ملامحها الحديثة المتطورة وأخذ اللاعب الفرنسي ينافس أنداده العالميين ويتبوأ مركز الصدارة بدءامن أسطورة الكرة ولاعب القرن ميشيل بلاتيني - 48 عاما -
<IMG SRC="http://www.worldcuparchive.com/LEGENDS/platini.jpg" border=0>
عندما كان لاعبا متميزا في صفوف فريق يوفنتوس الإيطالي, ثم تصاعد الحضور الفرنسي القوي بإحراز المنتخب الأولمبي ميدالية الألعاب الأولمبية بلوس أنجلوس عام 1984م بقيادة المدرب هنري ميشيل,

وفي نفس العام حقق المنتخب الأول بطولة كأس الأمم الأوروبية كأول إنجاز كروي رفيع تحققه الكرة الفرنسية وبقيادة فتاها الذهبي بلاتيني ثم ارتفعت إلى أن أمسكت بزمام الكرة العالمية وأزاحت بالكرة الأخطر والأقوى جماهيريا وإعلاميا وهي الكرة البرازيلية بإحرازها بطولة كأس العالم (1998م),
<IMG SRC="http://www.finalwhistle.com/worldfootball/euro2000/images/fr.gif" border=0>
وكأس الفيفا للقارات الخامسة (2001م), التي أقيمت في كوريا الجنوبية واليابان. وقبلها كأس الأمم الأوروبية (2000م) في بلجيكا وهولندا.
بتغلبها على أيطاليا 2\1 بالهدف الذهبي الذي أحرزه لاعب اليوفي تريزيك
<IMG SRC="http://www.euro2000.org/image/0,1091,55475,00.JPG" border=0>

<IMG SRC="http://www.euro2000.org/image/0,1091,55479,00.JPG" border=0>

ثم أكمل العقد الذهبي الفرنسي بحصول لاعبها الدولي ولاعب فريق ريال مدريد الإسباني المنتقل إليه حديثا من يوفنتوس الإيطالي زين الدين زيدان بمبلغ قياسي ناهز الـ(60) مليون دولار, وبجانبه عدد من نجوم الكرة الفرنسية يشكلون أميز وأبرز وأقوى الأندية العالمية.

<IMG SRC="http://www.marca.es/ficheros/marca/fotos01/realmadrid01/zidane_camiseta010709.jpg" border=0>

size=4]آلية التفوق الفرنسية[/size]
الحضور الفرنسي المذهل عالميا لم يأت من فراغ إطلاقا وهذا التواجد المتنامي للكرة الفرنسية على صعيد اللاعب والمدرب في آن.

إذن هذا التطور الملفت للكرة الفرنسية والمؤهل إلى الاستمرار والهيمنة على الكرة العالمية استند على آلية عمل اعتمدها الفرنسيون طريقا لتحقيق التفوق بإنشاء "الإدارة التقنية لكرة القدم" ويتولى الإشراف عليها أبرز العقليات الفرنسية في مجال اللعبة ويشرف عليها حاليا مدرب المنتخب وقائده للحصول على كأس العالم لأول مرة المدرب إيمي جاكيه, الذي بدوره يعترف أن هذه الإدارة الحديثة أصبح لها وضع متميز في مجال اللعبة, وأصبحت رمزا من رموز الكرة المستقبلية بما حققته من نجاحات بارزة كان أهمها الفوز بكأس العالم 1998م وبكأس الأمم الأوروبية 2000م وكأس الفيفا للقارات الخامسة على كأس الملك فهد 2001م, بالإضافة إلى تصدير النموذج الفرنسي عبر اللاعبين والمدربين الفرنسيين لمعظم الفرق الأوروبية الكبرى
(لعل من أبرزهم فينقر مدرب الأرسنال و جيرار هولييه مدرب ليفربول)

<IMG SRC="http://news.bbc.co.uk/olmedia/1390000/images/_1393163_wenger_houllier300.jpg" border=0>
ويعود الفضل في تأسيسها وتطوير أدائها وتميزها إلى رجال مبدعين سبقوه في قيادة هذه الإدارة التقنية المتطورة والفريدة في أطرها وفي مبادئها والأسس التي تحكم سياستها العملية فالمؤسس لهذه الإدارة هو "جورج بولون" الذي أشرف على الإدارة بين عامي (1982 - 1985م) ثم جاء بعده ميشيل هيدالغو الذي أشرف عليها عامي (1985 - 1986م) وجاء بعده هنري جيران الذي أشرف عليها بين عامي (1986 - 1990م) وبعد هؤلاء أشرف على هذه الإدارة مدرب منتخب الإمارات العربية المتحدة سابقا الأسبق هنري ميشيل عاما (1990 - 1998م) ثم أوكلت المهمة إلى الخبير جيرار هولييه (مدرب فريق ليفربول حاليا).
وبفضل تعاقب هؤلاء المسؤولين المتمرسين والأكفاء فقد تحقق الكثير للكرة الفرنسية, وبات منصب المدير الفني للمنتخب الفرنسي الذي يوكل إلى الاتحاد الفرنسي لكرة القدم اختيار المسؤول عنه ويفرض على صاحبه شروطا خاصة.

فالمطلوب من هذا المدير أن يكون فنيا من المستوى العالي مشهودا له بالخبرة الكبيرة ومعروفا ببعد النظر الذي يمكنه من تحديد الخطوط العريضة لمشاريعه الهادفة إلى تنمية كرة القدم الفرنسية في وقت محدد, وتهيئتها وتطويرها في كل قطاعاتها بمعية فريق عمل يتحمل معه المسؤولية وهذا يعني أن على المدير التقني الفرنسي أن يكون نشيطا ومنظما ومؤسسا في آن واحد. وبعبارة أخرى أن يكون مخططا يعرف كيف يوزع عمله بين النخبة والقاعدة, في استشارة مستمرة مع رئيس الاتحاد الكروي الذي يعتبر الخيط الرابط بينه وبين الفرق والوزارة (وزارة الشباب والرياضة).

ويقوم مدير الإدارة التقنية الفرنسية لكرة القدم برسم الخطوط الكبرى والعريضة لمستقبل الكرة الفرنسية بصفة عامة أما طريقة عمله لهذه الإدارة فإنها تمضي حسب خطة خاضعة لترتيبات خاصة فالمدير الفني والذي يمثله إيمي جاكيه يخطط ويشرف بمساعدة مدير تقني مساعد وبمساعدة الناخب الوطني ومعه (14) مدربا وطنيا يشرفون على المنتخب ويقومون بأعمال محددة تهم النخبة والتي تخص تكوين الخبراء والمدربين واللاعبين. فيما يشرف (24) مستشارا تقنيا, ومعهم (88) فنيا إقليميا على عملية الربط المستمر بين الفرق والمدربين والمسيرين والسلطات المحلية.

وهكذا فإن إيمي جاكيه يأتي في أعلى هرم الإدارة التقنية
يليه المدير التقني المساعد الذي هو جان بيير مورلان, ثم يأتي المدربون الوطنيون المكلفون بمهام الإشراف على النخبة وعلى التكوين وعلى القاعدة وعلى كرة القدم في الجهات, وهم: فرانسوا بلاكار, وجيمس دويان, وهنري إيميل, وروني جيرار, وجان فرانسوا جودار, وبيير مانكوفسكي, وبرونو مارتيني, ولوك رابا.
ويأتي إلى جانب هؤلاء في نفس الترتيب مدرب المنتخب حاليا وهو روجيه لومير
<IMG SRC="http://www.the-eye.com/GIfs/e2francoach.jpg" border=0>

والذي يرتبط بمدرب المنتخب الرديف "جي ستيفان", وبمدرب منتخب الأمل (الناشئين) "رايمون دومنيك".
نخلص من ذلك بتقديم "روشته" مجانية لمن يرغب أن يحقق لكرة بلده (هوية وإنجازا كرويا دوليا مستمرا) مثل الكرة الفرنسية نتمنى من اتحاداتنا الكروية العربية الأخذ بهذا النموذج الناجح.